بال، ثم صب البول فيه لم يكن منهياً عن الاغتسال فيه وداود الظاهري عنه في فحوى الخطاب، روايتان هذه إحداهما، وابن حزم ومن قال بإحدى روايتي داود الظاهري، يقولون: إن قوله: ((ولا تقل لهما أف)) لا يدل على تحريم الشتم والضرب، وهذا قول ضعيف جداً، في غاية الفساد عند عامة العلماء، فإنهم يقولون: إذا كان البائل الذي يحتاج إلى البول قد نهى أن يبول فيه، ثم يغتسل فيه، فالذي بال في إناء، ثم صبه فيه أولى بالنهي، كما أنه لما نهى عن الاستجمار بطعام الجن وطعام دوابهم العظام والروث كان ذلك تنبعاً على النهي، عن الاستجمار بطعام الإنس بطريق الأولى، وكل ما نهى عنه الاستجمار به فتلطيخه بالعذرة أولى بالنهي، فإنه لا حاجة إلى ذلك، ولهذا فهم الصحابة من نهيه أن يسافر إلى غير المساجد الثلاث، أن السفر إلى طور سيناء داخل في النهي وإن لم يكن مسجداً، كما جاء عن بصره بن أبي بصرة وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم.
وحديث بصرة معروف في السنن والموطأ قال لأبي هريرة، وقد أقبل من الطور لو أدركتك قبل أن تخرج إليه لما خرجت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تعمل المطي إلا إلى ثلاث مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) .
وأما ابن عمر فروي أبو زيد شبه النميري في كتاب أخبار المدينة حدثنا ابن أبي الوزير حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار، عن طلق عن قزعة قال: أتيت ابن عمر فقلت: إني أريد الطور؟ فقال: إنما تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى، فدع عنك الطور فلا تأته، رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وهذا النهي من بصرة بن أبي بصرة، وابن عمر، ثم موافقة أبي هريرة يدل على أنهم فهموا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم النهي، فلذلك نهوا عنه لم يحملوه على مجرد نفي الفضيلة.
وكذلك أبو سعيد الخدري وهو رواية أيضاً، وحديثه في الصحيحين، فروى أبو زيد حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب، قال سمعت أبا سعيد وذكر عنده الصلاة، في الطور، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد تبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) (?) فأبو سعيد جعل الطور مما نهى عن شد الرحال إليه، مع أن اللفظ