أن يسقط حق دمه بتوبة القاتل أو إسلامه فإن المسلم أو المعاهد لو ارتد أو نقض العهد وقتل مسلما لوجب عليه القود ولا يكون ما ضمه إلى القتل من الردة ونقض العهد مخففا لعقوبته وما أظن أحدا يخالف في مثل هذا مع أن مجرد قتل النبي ردة ونقض للعهد باتفاق العلماء وعرضه كدمه فإن عقوبته القتل كما أن عقوبة دمه وعرضه ممنوع من المسلم بإسلامه ومن المعاهد بعهده فإذا انتهكا حرمته وجبت عليهما العقوبة لذلك.

الطريقة الثامنة عشرة: وهي طريقة القاضي أبي يعلى أن سب النبي صلى الله عليه وسلم يتعلق به حقان: حق لله وحق لآدمي.

فأما حق الله فهو ظاهر وهو القدح في رسالته وكتابه ودينه.

وأما حق الآدمي فظاهر أيضا فإنه أدخل المعرة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السب وأناله بذلك غضاضة وعارا.

والعقوبة إذا تعلق فيها حق لله وحق لآدمي لم تسقط بالتوبة كالحد في المحاربة فإنه يتحتم قتله ثم لو تاب قبل القدرة عليه سقط حق الله من انحتام القتل والصلب ولم يسقط حق الآدمي من القود كذلك هنا.

فإن قيل: المغلب هنا حق الله ولهذا لو عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لم يسقط بعفوه.

قلنا: قد قال القاضي أبو يعلى: في هذا نظر على أنه إنما لم يسقط بعفوه لتعلق حق الله به فهو كالعدة إذا أسقط الزوج حقه منها لم تسقط لتعلق حق الله بها ولم يدل هذا على أنه لا حق لآدمي فيها كذلك هنا فقد تردد القاضي أبو يعلى في جواز عفو النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموضع وقطع في موضع آخر أنه كان له أن يسقط حق سبه لأنه حق له وذكر في قول الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم: "أن كان ابن عمتك" وقد عرض للنبي بما يستحق به العقوبة ولم يعاقبه لأنه حمل قول النبي صلى الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015