الثانية أن حد قذف الميت لا يستوفي إلا بطلب الورثة وذلك أنهم لا يختلفون أنه لا يستوفي إلا بمطالبة الورثة أو بعضهم ومتى عفوا سقط عند الأكثرين.
فعلى هذا ينبغي أن يسقط الحد لقذف النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يورث ويكون كقذف من لا وارث له وهذا ليس فيه حد قذف عند أكثر الفقهاء أو يقال: لا يستوفي حتى يطالب بعض الهاشميين أو بعض القرشيين.
فنقول: الجواب من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنا لم نجعل سب النبي صلى الله عليه وسلم وقذفه من حد القذف الذي لا يستوفى حتى يطلبه المستحق فإن ذاك إنما هو إذا علم به وإنما هو من باب السب والشتم الذي يعلم أنه حرام باطل وقد تعذر علم المسبوب به كما لو رمى رجل بعض أعيان الأمة بالكفر أو الكذب أو شهادة الزور أو سبه سبا صريحا فإنا لا نعلم مخالفا في أن هذا الرجل يعاقب على ذلك كما يعاقب على ما ينتهكه من المحارم انتصارا لذلك الرجل الكريم في الأمة وزجرا عن معصية الله كمن يسب الصحابة أو العلماء أو الصالحين.
الوجه الثاني: أن سبه سب لجميع أمته وطعن في دينهم وهو سب تلحقهم به غضاضة وعار بخلاف سب الجماعة الكثيرة بالزنا فإنه يعلم كذب فاعله وهذا يوقع في بعض النفوس ريبا وإذا كان قد آذى جميع المؤمنين أذى يوجب القتل وهو حق تجب عليهم المطالبة به من حيث وجب عليهم إقامة الدين فيكون شبيها بقذف الميت الذي فيه قدح في نسب الحي إذا طالب به وذاك يتعين إقامته.