مات النبي صلى الله عليه وسلم وانتهوا عن إظهاره حتى كان في آخر الأمر لا يكاد أحد يجترئ على إظهار شيء من النفاق نعم الانتهاء يعم القسمين فمن انتهى عن إظهاره فقط أو عن إسراره وإعلانه خرج من وعيد هذه الآية ومن أظهره لحقه وعيدها.
ومما يشبه ذلك قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} فإنه دليل على أن المنافق إذا لم يتب عذبه الله في الدنيا والآخرة وكذلك قوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ} إلى قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} وأما قوله: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} فقد قال أبو: "هذا شيء واحد هم المنافقون" وكذلك قال مجاهد: "كل هؤلاء منافقون فيكون من باب عطف الخاص على العام" كقوله تعالى: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال} وقال سلمة بن كهيل وعكرمة: "الذين في قلوبهم مرض أصحاب الفواحش والزناة ومعلوم أن من أظهر الفاحشة لم يكن بد من إقامة الحد عليه فكذلك من أظهر النفاق".
ويدل على جواز قتل الزنديق المنافق من غير استتابة ما خرجاه في الصحيحين في قصة حاطب بن أبي بلتعة فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" فدل على أن ضرب عنق المنافق من غير استتابة مشروع إذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على عمر استحلال ضرب عنق المنافق ولكن أجاب