مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه} والقياس في المسألة متعذر لوجهين:

أحدهما: أن كثيرا من النظار يمنع جريان القياس في الأسباب والشروط والموانع لأن ذلك يفتقر إلى معرفة نوع الحكمة وقدرها وذلك متعذر لأن ذلك يخرج السب عن أن يكون سبا وشرط القياس بقاء حكم الأصل ولأنه ليس في الجنايات الموجبة للقتل حدا ما يمكن إلحاق السب بها لاختلافهما نوعا وقدرا واشتراكهما في عموم المفسدة لا يوجب الإلحاق بالاتفاق وكون هذه المفسدة مثل هذه المفسدة يفتقر إلى دليل وإلا كان شرعا بالرأي ووضعا للدين بالمعقول وذلك انحلال عن معاقد الدين وانسلال عن روابط الشريعة وانخلاع من ربق الإسلام وسياسة للخلق بالآراء الملكية والأنحاء العقلية وذلك حرام بلا ريب فثبت أنه إنما يقتل لأجل كفره وحرابه ومعلوم أن الإسلام يسقط القتل الثابت للكفر والحراب بالاتفاق.

وأيضا فالذمي لو كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينه وبين الله تعالى ويقول فيه ما عسى أن يقول من القبائح ثم أسلم واعتقد نبوته ورسالته لمحا ذلك عنه جميع تلك السيئات ولا يجوز أن يقال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم يطالبه بموجب سبه في الدنيا ولا في الآخرة" ومن قال ذلك علم أنه مبطل في مقالته للعلم بأن الكافرين يقولون في الرسول شر المقالات وأشنعها وقد أخبر الله تعالى عنهم في القرآن ببعضها مثل قولهم ساحر وكاهن ومجنون ومفتر وقول اليهود في مريم بهتانا عظيما ونسبتها إلى الفاحشة وأن المسيح لغير رشدة وهذا هو القذف الصريح ثم لو أسلم اليهودي وأقر بنبوة المسيح وأنه عبد الله ورسوله وأنه بريء مما رمته به اليهود لم يبقى للمسيح عليه تبعة.

ونحن نعلم أن من الكفار من يعتقد نبوة نبينا إلى الأميين ومنهم من يعتقد نبوته مطلقا لكن إلف الدين وعادته وأغراض أخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015