عليه ولعله أراد نوعا من الردة كظهور الزندقة ونحوها أو قال ذلك في المرتد الذي ولد مسلما ونحو ذلك مما قد شاع فيه الخلاف.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه" فنقول بموجبه فإنما يكون مبدلا إذا دام على ذلك واستمر عليه فأما إذا رجع إلى الدين الحق فليس بمبدل وكذلك إذا رجع إلى المسلمين فليس بتارك لدينه مفارق للجماعة بل هو متمسك بدينه ملازم للجماعة وهذا بخلاف القتل والزنى فإنه فعل صدر عنه لا يمكن دوامه عليه بحيث إذا تركه يقال إنه ليس بزان ولا قاتل فمتى وجد منه ترتب حده عليه وإن عزم على أن لا يعود إليه لأن العزم على ترك العود لا يقطع مفسدة ما مضى من الفعل.

على أن قوله: "التارك لدينه المفارق للجماعة" قد يفسر بالمحارب قاطع الطريق كذلك رواه أبو داود في سننه مفسرا عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم ورجل خرج محاربا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض أو يقتل نفسا فيقتل بها" فهذا المستثنى هنا هو المذكور في قوله: "التارك لدينه المفارق للجماعة" ولهذا وصفه بفراق الجماعة وإنما يكون هذا بالمحاربة.

يؤيد ذلك أن الحديثين تضمنا أنه لا يحل دم من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والمرتد لم يدخل في هذا العموم فلا حاجة إلى استثنائه وعلى هذا فيكون ترك دينه عبارة عن خروجه عن موجب الدين ويفرق بين ترك الدين وتبديله أو يكون المراد به من ارتد وحارب كالعرنيين ومقيس بن حبابة ممن ارتد وقتل وأخذ المال فإن هذا يقتل بكل حال إن تاب بعد القدرة عليه ولهذا والله أعلم استثني هؤلاء الثلاثة الذين يقتلون بكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015