وذكروا أن ظاهر كلام أحمد يعين قتله وهو صحيح ممن فهم من كلامهم عموم الحكم في كل من انتقض عهده فمن فهمه أتي لا من كلامهم ومن ذكر اللحاق بدار الحرب وقتال المسلمين والامتناع من أداء الجزية وغير ذلك في النواقض فإنه احتاج أن يفرق بين اللحاق بدار الحرب وبين غيره كما ذكرناه من نصوص الإمام أحمد وغيره من الأئمة على الناقض الممتنع.

والفرق بينهما أنه من لم يوجد منه إلا اللحاق بدار الحرب فإنه لم يجن جناية فيها ضرر على المسلمين حتى يعاقب عليها بخصوصها وإنما ترك العهد الذي بيننا وبينه فصار ككافر لا عهد له كما سيأتي إن شاء الله تعالى تقريره.

ويجب أن يعلم أن من لحق بدار الحرب صار حربيا فما وجد منه من الجنايات بعد ذلك فهي كجنايات الحربي لا يؤخذ بها إن أسلم أو عاد إلى الذمة ولذلك قال الخرقي: "ومن هرب من ذمتنا إلى دار الحرب ناقضا للعهد عاد حربيا" وكذلك أيضا إذا امتنعوا بدار الإسلام من الجزية أو الحكم ولهم شوكة ومنعة قاتلوا بها عن أنفسهم فإنهم قد قاتلوا بعد أن انتقض عهدهم وصار حكمهم حكم المحاربين فلا يتعين قتل من استرق منهم بل حكمه إلى الإمام ويجوز استرقاقه كما نص الإمام أحمد على هذه الصورة بعينها لأن المكان الذي تحيزوا فيه وامتنعوا بمنزلة دار الحرب ولم يجنوا على المسلمين جناية ابتدءوا بها للمسلمين وإنما قاتلوا عن أنفسهم بعد أن تحيزوا وامتنعوا وعلم أنهم محاربون فمن قال من أصحابنا إن من قاتل المسلمين يتعين قتله ومن لحق بدار الحرب خير الإمام فيه فإنما ذاك إذا قاتلهم ابتداء قبل أن يظهر نقض العهد ويظهر الامتناع بأن يعين أهل الحرب على قتال المسلمين ونحو ذلك فأما إذا قاتل بعد أن صار في شوكة ومنعة يمتنع بها عن أداء الجزية فإنه يصير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015