يستعينه في شيء ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ليسلم لذكر في الحديث أنه أسلم فلما لم يجر للإسلام ذكر دل على أنه كان ممن دخل الإسلام وفيه جفاء الأعراب وممن دخل في قوله تعالى: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} .
ومما يوضح ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفو عن المنافقين الذين لا يشك في نفاقهم حتى قال: لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت حتى نهاه الله عن الصلاة عليهم والاستغفار لهم وأمره بالإغلاظ عليهم فكثير مما كان يحتمله من المنافقين من الكلام وما يعاملهم من الصفح والعفو والاستغفار كان قبل نزول براءة لما قيل له: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} لاحتياجه إذ ذاك إلى استعطافهم وخشية نفور العرب عنه إذا قتل أحدا منهم وقد صرح صلى الله عليه وسلم لما قال ابن أبي: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلّ} ولما قال ذو الخويصرة: اعدل فإنك لم تعدل وعند غير هذه القضية أنه أنما لم يقتلهم لئلا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه فإن الناس ينظرون إلى ظاهر الأمر فيرون واحدا من أصحابه قد قتل فيظن الظان أنه يقتل بعض أصحابه على غرض أو حقد أو نحو ذلك فينفر الناس عن الدخول في الإسلام وإذا كان من شريعته أن يتألف الناس على الإسلام بالأموال العظيمة ليقوم دين الله وتعلو كلمته فلأن يتألفهم بالعفو أولى وأحرى.
فلما أنزل الله براءة ونهاه عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم وأمره أن يجاهد الكفار والمنافقين ويغلظ عليهم نسخ جميع ما كان