مسئولية كل مواطن يملأ قلبه الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- ثم بالمملكة العربية السعودية".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: أما قول الفتان إن نبذته ليست فتوى وإنما هي دعوة صادقة إلى أهل الخبرة والإفتاء الذين يملكون حق الإفتاء، فهو قول قد خالفه الفعل منه؛ لأن كلامه في نبذته يدور على الإفتاء بحل الربا في المصارف والتحيل على استحلاله بتسميته فوائد، بل إنه قد تجاوز الإفتاء إلى الحكم بالترخيص في القرض بفائدة وزعم أن ذلك ضرورة وأنه من العدل والإنصاف كما قد صرح بذلك في آخر نبذته، وقد قال الله -تعالى-: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}، ولو كان صادقا في قوله إن نبذته دعوة صادقة إلى أهل الخبرة والإفتاء لكان يقتصر على السؤال ويرسله إلى الهيئة المختصة بالإفتاء ويطلب منهم الجواب ثم يعمل بإجابتهم، ولكن قوله لا يعدو أن يكون حبرًا على ورق ومخادعة للذين لا يعرفون حيله على استحلال الربا وأساليبه الملتوية في ذلك.
الوجه الثاني: أن يقال: إن إيجاد الحلول المعقولة موجود في قول الله -تعالى-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فهذا النص يتناول جميع المعاملات الربوية في المصارف وغير المصارف، ومن ذلك القرض في المصارف بما يسمونه فائدة، وهي عين الربا.
وإذا علم هذا فليعلم أيضا أنه لا يجوز للمسلم أن يخالف نص الآية الكريمة. ومن خالفه فلا يأمن العقوبة في الدنيا بمحق المال وفي الآخرة بالخلود في النار؛ لأن الله -تعالى- يقول: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا}، ويقول: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
الوجه الثالث: أن يقال: إن الله -تعالى- قد يسر لأهل المملكة العربية السعودية ما أغناهم به عن المعاملات الربوية في المصارف وغير المصارف، ونرجو من الله -تعالى- أن يعصم القادة والرعية عما حرَّمه عليهم من الربا وغيره وأن يعيذهم من اتباع خطوات الشيطان ودسائس أعوان الشيطان وحيله وزخارف أقوالهم التي ينشرونها في كتبهم ومقالاتهم ويموهون بها على الناس، وقد قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، وقال -تعالى-: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ}.