فصل
وقد استخلص الفتان في آخر نبذته ضرورة الترخيص في القرض بفائدة، وقال: "لأنه من العدل والإنصاف أن يشترك الدائن والمدين معًا في احتمالات التقلبات النقدية التي تفرضها الظروف الاقتصادية وذلك بأن يتحمل الدائن نقص قيمة النقود والمدين بأن يدفع الفوائد، وبذلك تتحقق أهداف الفائدة العامة خارج نطاق أي تحريم أو حظر قانوني في استخدام مدخرات المواطنين في تعزيز وتقوية الاقتصاد الوطني، فالعائد سيصبح ثابتًا ومضمونا ومثمرًا؛ وذلك بسبب تنوع وتوسع المشروعات، والنتيجة تحقق القوة الاقتصادية التي بدونها لن تكون هناك قوة إسلامية".
والجواب: أن يقال: أما استخلاص الفتان ضرورة الترخيص في القرض بفائدة فإنه صريح في محادة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ومعارضة ما جاء في الكتاب والسنة والإجماع من تحريم الربا تحريمًا مطلقًا يشمل جميع أنواع الربا. وما أسوأ هذه الجراءة من الفتان وأشد خطرها عليه وعلى من عمل بقوله؛ لأن الله -تعالى- قد توعد المحادين له ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - بنار جهنم، وتوعد من شاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتبع غير سبيل المؤمنين بأن يولِّه ما تولى ويُصلِهِ جهنم، وحذر المخالفين عن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، ونفى الإيمان عمن لم يرد الأحكام المتنازع فيها إليه وإلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أي إلى الكتاب والسنة - وأقسم -تبارك وتعالى- بنفسه على نفي الإيمان عمن لم يُحكِّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأمور التي يقع فيها التشاجر ويرض بقضائه ولا يجد في نفسه حرجًا منه، بل يقابله بالقبول والتسليم.
وإذا علم هذا فليعلم أيضا أن الفتان قد تعرض لكل ما ذكرته من الوعيد الشديد ونفي الإيمان فلا يأمن أن يكون له نصيب وافر مما جاء في الآيات التي أشرت إليها، وذلك لأنه قد أقدم على تحليل ربا القرض وزعم أن الترخيص فيه ضرورة، ثم إنه سمى الزيادة الربوية في القرض باسم الفائدة ليموِّه على الجهال بهذه التسمية ويخدعهم بها ليستحلوا ما استحله من الربا ويقعون معه في محاربة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولعنة الله ولعنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما زعمه أن من العدل والإنصاف دفع الزيادات الربوية في القرض - وهي التي سماها باسم الفوائد.