فصل في ذكر الرأي المحمود
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتاب (إعلام الموقعين): "الرأي المحمود أن يكون بعد طلب علم الواقعة من القرآن، فإن لم يجدها في القرآن ففي السنة، فإن لم يجدها في السنة فبما قضى به الخلفاء الراشدون أو اثنان منهم أو واحد، فإن لم يجده فبما قاله واحد من الصحابة، فإن لم يجده اجتهد رأيه ونظر إلى أقرب ذلك من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأقضية أصحابه، فهذا هو الرأي الذي سوغه الصحابة واستعملوه وأقر بعضهم بعضا عليه ... ثم ذكر ما رواه علي بن الجعد عن شعبة عن سيار - وهو أبو الحكم العنزي - عن الشعبي أن عمر -رضي الله عنه- بعث شريحًا قاضيًا وقال: ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه فإن لم يستبن في كتاب الله فمن السنة فإن لم تجده في السنة فاجتهد رأيك".
فصل
وقال الفتان: "إن توفير السيولة في المصارف مصلحة اقتصادية ضرورية لإشباع الحاجات المشروعة، ولذلك يجب إلزام المصارف والمقترضين منها بحد أدنى من الأرباح؛ لأن ذلك سوف يشجع على ظهور السيولة في المصارف وعلى إشراك أصحاب الأموال الصغيرة في أرباح المشاريع التجارية الكبيرة والصغيرة ذات المصلحة المحققة، وفي ذلك بلا شك مصالح معاشية ضرورية من غير استغلال ولا ظلم مما هو من خصائص الربا المحرم في القرآن".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: ما لفَّقه الفتان في هذه الجملة فإنه ظاهر في الترغيب في المعاملات الربوية مع أهل المصارف والتشجيع على محاربة الله ورسوله باستحلال الربا لإشباع الجشع والتكاثر بالأموال الربوية.
الوجه الثاني: أن يقال: إن الأرباح التي ذكر الفتان أنه يجب إلزام المصارف والمقترضين منها بحد أدنى هي النسبة الربوية التي يجعلها أهل المصارف لأهل الأموال مقابل انتفاعهم بأموالهم كالخمسة في كل مائة مثلا، وقد تكون أكثر منها وقد تكون أقل على حسب ما يتفق عليه أهل المصارف مع أهل الأموال، وهذه النسبة هي عين الربا؛ ...........