نهي عنه من ربا النسأ وربا الفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك فالنص متناول لهذا كله"، وقال ابن حجر الهيتمي: "الربا ثلاثة أنواع: ربا الفضل وربا اليد وربا النسأ وزاد المتولي نوعًا رابعًا وهو ربا القرض ... قال الهيتمي: وكل من هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع وبنص الآيات والأحاديث، وما جاء في الربا من الوعيد شامل للأنواع الأربعة"، فليراجع كلام شيخ الإسلام (?) وكلام الهيتمي (?)، ففي كل منهما أبلغ رد على قول الفتان إن الربا المحرم في القرآن هو ربا النسيئة الذي كان في الجاهلية، وليراجع (?) أيضا قول الجصاص أن تحريم الربا يشمل جميع ضروبه.
الوجه الخامس: أن يقال: ليس في أعمال المصارف ما يميزها عن غيرها من المؤسسات التجارية وسائر أعمال الناس في البيع والشراء فكلها يحرم التعامل فيها بالربا، وسواء في ذلك ربا الفضل وربا النسيئة ما كان منه على طريقة أهل الجاهلية وما كان على غير طريقتهم؛ لأن الله -تعالى- حرم الربا تحريمًا مطلقًا، وكذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه حرمه تحريمًا مطلقًا سوى بيع العرايا بخرصها فإنه قد أذن فيه، وكذلك الإجماع فإنه شامل لجميع أنواع الربا، كما تقدم بيان ذلك في الوجه الرابع.
فصل
ومن شبه الفتان وأباطيله التي لفقها للتحيل على تحليل الربا في المصارف قوله: "إن الدائن لا يختص بالمنفعة دون المدين"، وقوله: "إن الدائن لا يستغل مدينا محتاجًا للصدقة بل يشترك مع الأغنياء في المنفعة بموجب عقد رضائي تجاري لا استغلال فيه"، وقوله: "إن المعاملات المصرفية ليست مجرد تنمية لمال الدائن وحده وإنما هي تجارة من نوع جديد جرى التعارف عليها ودعت إليها حاجة الناس أجمعين حتى أصبحت مصالحهم في معاشهم لا تتم إلا بها"، ومنها ما ذكره عن رشيد رضا أنه قال: "إن المعاملات التي يقصد بها الإتجار لا القرض للحاجة هي من قسم البيع"، قال الفتان: "ويشير بذلك إلى قوله -تعالى-: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} .. "
والجواب: أن يقال: إن هذه الشبه كلها مردودة بنصوص الكتاب والسنة وبالإجماع