الآيات والأحاديث الدالة على تحريم الربا والتشديد فيه، ولا يستثنى منه شيء سوى بيع العرايا بخرصها؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في ذلك.
الوجه الثالث: أن يقال: إن رشيد رضا سئل عن صندوق التوفير هل يجوز الادخار فيه وأخذ أرباحه، فأجاب بأنه لا يرى بأسًا من العمل به، ثم زعم أن الربا الحقيقي هو الذي علل القرآن تحريمه بقوله -تعالى-: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} يعني أن الربا المحرم منحصر في ربا الجاهلية، ثم قال: فالتعاقد في عمل يفيد الآخذ والمعطي بيع أو تجارة ... إلى أن قال: إن المعاملة التي يقصد بها البيع والإتجار هي من قسم البيع. كذا قال المحلل لما حرمه الله ورسوله من أنواع الربا التي ليست على طريقة ربا أهل الجاهلية، وهذا من التشريع في الدين بما لم يأذن به الله، وقد قلد رشيد رضا شيخه محمد عبده في زعمه أن الفائدة غير الربا وأن الربا المحرم دينا هو الربا المحرم قانونًا والمحسوب جناية، وقد تقدم كلام الشيخ أحمد محمد شاكر في الرد على المتلاعبين بالدين وهم الذين يزعمون أن الربا المحرم هو الأضعاف المضاعفة، وتقدم أيضا رد الشيخ محمود شلتوت عليهم فليراجع ذلك في أول الكتاب (?)، فإنه ينطبق على من حلل الربا باسم الفائدة أو باسم البيع والإتجار، وعلى من حصر الربا الحقيق فيما كان على طريقة أهل الجاهلية، وليراجع أيضا كلام سيد قطب في الرد عليهم (?) فإنه كلام جيد جدًا.
وأما ما نقله الفتان عن رشيد رضا أنه قال: ليس في أخذ الربح من صندوق التوفير والمصارف ظلم لأحد ولا قسوة على محتاج حتى في دار الإسلام.
فجوابه من وجوه؛ أحدها: أن يقال: هذا القول صريح في تحليل الربا الذي يؤخذ من صندوق التوفير والمصارف، وأما تسميته بالربح فهي من التمويه والتلبيس على الجهال وهذه التسمية لا تنقل الربا من التحريم إلى الحل، ومثل ذلك تسميته باسم الفائدة في كلام محمد عبده، فكل من القولين باطل ومن تحريف الكلم عن مواضعه وتغيير حكم الله ورسوله في الربا وتطبيقه على حكم القانون.
الوجه الثاني: أن يقال: قد تقدم في أول الكتاب حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر وبالبر والشعير ....