وقد صرح بذلك فيما زعم أنها نتيجة هامة، وتقدم كلامه في ذلك والرد عليه في أثناء الكتاب فليراجع (?).
ولا يخفي على ذوي العلم والبصيرة أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- بعيد غاية البعد عما حمله الفتان عليه.
وفي قول شيخ الإسلام أن كل ما احتاج الناس إليه في معاشهم ولم يكن سببه معصية- هي ترك واجب أو فعل محرم - لم يحرم عليهم لأنهم في معنى المضطر الذي ليس بباغ ولا عاد، أبلغ رد على الفتان لأن الشيخ -رحمه الله تعالى- قيَّد الحاجة بما لم يكن سببه معصية هي ترك واجب أو فعل محرم، وبهذا التقييد ينعكس الأمر على الفتان ويكون كلام شيخ الإسلام مجابهًا لقوله وكاشفًا لشبهته وتلبيسه؛ وذلك لأن التعامل بالربا من أعظم المعاصي والمحرمات وليس في تحريمه استثناء حاجة ولا ضرورة سوى بيع العرايا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أذن في بيعها بخرصها لأن التقدير بالخرص يقام مقام التقدير بالكيل عند الحاجة. وقد ذكرت الأحاديث الواردة في الرخصة في بيع العرايا فلتراجع (?).
الوجه الثاني: أن يقال: إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- سئل عن تحريم الربا، فأجاب بقوله: "المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع وقد «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه» وإن كان أصل الربا في الجاهلية أن الرجل يكون له على الرجل المال المؤجل فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي فإن وفاه وإلا زاد هذا في الأجل وزاد هذا في المال فيتضاعف المال، والأصل واحد، وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين". انتهى وهو في صفحة ثمان عشرة وأربعمائة وأول صفحة تسع عشرة وأربعمائة من المجلد التاسع والعشرين من مجموع الفتاوى.
وقال الشيخ أيضا في صفحة ثلاث وثمانين ومائتين وصفحة أربع وثمانين ومائتين من المجلد التاسع عشر من مجموع الفتاوى: "ومن هذا الباب لفظ الربا فإنه يتناول كل ما نهي عنه من ربا النساء وربا الفضل والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك، فالنص متناول لهذا كله".
وقال أيضا في صفحة ست وعشرين ومائة من المجلد الخامس عشر من مجموع الفتاوى: "وهذا مثل الربا فإنه وإن رضي به المرابي وهو بالغ رشيد لم يبح ذلك لما فيه من