الربا يتخذ صورة التضعيف ولا يؤمن بالأحاديث المتواترة في النهي عن ربا الفضل وربا النسيئة الذي لم يتخذ صورة التضعيف، وما أشد الخطر في هذا؛ لأن الله -تعالى- حذر المؤمنين من مخالفة أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتوعد المخالفين عن أمره بالوعيد الشديد فقال -تعالى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك".
فصل
وقال الفتان: موقف أهل العلم وكبار رجال الفتوى في الإسلام من المصارف. ثم قال: "إن استعراض مجمل الأحكام المسلم بها لدى أهل العلم وكبار رجال الفتوى في الإسلام يبين لنا ما يلي:
1 - أن الربا محرم تحريمًا قطعيًا لا شك فيه".
والجواب عن هذا من وجوه؛ أحدها: أن يقال: إن الكتاب والسنة هما الميزان الذي توزن به أقوال أهل الفتوى وغيرهم من أهل العلم فما وافقهما فهو مقبول وما خالفهما فهو مردود على قائله كائنا من كان إذ لا قول لأحد مع قول الله -تعالى- وقول رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا}.
وإذا علم هذا فليعلم أيضا أن كل محاولة أتى بها الفتان لحصر الربا فيما كان يفعله أهل الجاهلية - وهو الربا الذي يقول فيه الفتان: إنه يتخذ صورة التضعيف، وكذلك كل محاولة أتى بها للتهوين من شأن ربا الفضل وربا النسيئة الذي لم يتخذ صورة التضعيف، وكذلك ما اعتمد عليه من جهالات العصريين الذين كانوا في القرن الرابع عشر من الهجرة والذين كانوا في القرن الخامس عشر فكله مردود عليه ومضروب به عرض الحائط؛ لأنه محاولات مبنية على مخالفة الكتاب والسنة وإجماع المسلمين على تحريم جميع أنواع الربا. لا فرق في ذلك بين ربا أهل الجاهلية وبين .....