مُحَلّى بأطواقٍ عِتاقٍ يُبينُها ... على الضُّرِّ راعى الثَّلَّة المُتَعيّفُ
فقال "راعي ثَلَّة" ولم يطلق اسم الراعي، وذلك أنهم يقولون: إنّ راعي الغنم أجهلُ الرُّعاة، فيقول: إنّ هذا البعيرَ محلّىً بأطواق عتاق، أي كريمة، يُبينُها راعي الثلَّة على جهله فكيف بغيره ممن يعرف.
باب الشيء يكون ذا وصفين فيُعلَّق بحُكْم من الأحكام على أحد وصفَيْه:
أمّا الفقهاء فمختلفون في هذا.
فأمّا مذهب العرب فإنّ العربي قد يذكر الشيء بإحدى صفتيه فيؤَثّر ذلك، وقد يذكره فلا يؤثّر بل يكون الأمر في ذلك وفي غيره سواءً. ألاَ ترى القائل يقول1:
مِنْ أُناس ليسَ من أخلاقِهم ... عاجِلُ الفُحش ولا سوء الطَّمَعْ
فلو كان الأمر على ما يذهب إليه مَن يُخالِف مذهبَ العرب لاستجيز عاجلُ الفُحش إذا كان الشاعرُ إنما ذكر العاجل، وقد قال الله جلّ ثناؤه: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} 2 والكفر لا يجوز في حال من الأحوال. وحكى ناس عن أبي عُبيدْ إنما سَلك فيما قاله من هذا مَسْلك التَّأوُّل ذاهباً إلى مذهب من يقول بهذه المقالة، ولم يَحْكِ ما قاله عن العرب، ولو حكاه عنهم للزم القولُ به، لأنّ أبا عبيدْ ثِقة أمين فيما يحكيه عن العرب، فأما في الذي تأوَّله فإنّا نحن نُخالفه فيه كما نخالفه في مسألة مُتعة الحج وفي ذوي الأرحام وغير ذلك من المسائل المختلف فيها.