وتكون "أو" للتخير كقوله جل ثناؤه: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 1.

وتكون للإباحة تقول: "خذ ثوباً أو فرَساً".

وأما قوله جلّ ثناؤه: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} 2 فقال قوم: هَذَا يُعارَض ويُقابَلُ بِضدّه فيصح المعنى ويبين المراد، وذلك أنّا نقول: "أطِعْ زيداً أو عمراً" فإنما نريد أطع واحداً منهما، فكذا إذا نَهَيْناه وقلنا: "لا تطع زيداً أو عمراً" فقد قلنا لا تُطع واحداً منهما.

وقوله جلّ ثناؤه: {إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} 3 فقال قوم: هي بمعنى الواو "ويزيدون". وقال آخرون: بمعنى "بل". وقال قوم: هي بمعنى الإباحة كأنه قال: إذا قال قائل: "هم مائة ألف" فقد صدق. وقول القائل: "مررت برجل أو امرأة" فقد أشركَتْ "أو" بينهما فِي الخفض وأثبتت المرور بأحدهما دون الآخر.

وتكون "أو" بمعنى "إلاّ أنْ" تقول "لألومنَّك أو تُعطيني حقي" بمعنى إلاّ أن تعطيني. قال امرؤ القيس4:

فقلتُ لَهُ لا تبك عينُكَ إنَّما ... نُحاول مُلكاً أو نموتُ فنُعذرا

وزعم قوم أن "أو" تكون بمعنى الواو ويقولون: كل حق لَهَا داخل فِيهَا أو خارج منها، وكل حق سميّناه فِي هَذَا الكتاب أو لَمْ نسمه وإن شئتَ قلت بالواو وأنشدوا5:

فذلكما شهرين أو نصفَ ثالث ... إلى ذاكما مَا غَيَّبتني غيابيا

وَكَانَ الفرّاء يقولون: فِي "مائة ألف أو يزيدون": بل يزيدون وقال بعض البصريين منكراً لَهَا: لو وقعت "أو فِي هَذَا الموضوع موقع "بل" لجاز أن تقع فِي غير هَذَا الموضع وكنا نقول "ضربت زيداً أو عمراً" عَلَى غير الشك لكن بمعنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015