رأيتُ أصحابنا الفقهاء يضمّنون كتبهم فِي أصول الفقه حروفاً من حروف المعاني، وَمَا أدري مَا الوجه فِي اختصاصهم إيّاها دون غيرها. فذكرت عامّة حروف المعاني رسماً واختصاراً، فأوّل ذَلِكَ مَا كَانَ أوله ألف:
باب أم:
"أم" حرف عطف نائب عن تكرير الاسم أو الفعل نحو "أزيد عندك أم عمرو?".
ويقولون: ربمّا جاءت لقطع الكلام الأوّل واستئناف غيره، ولا يكون حينئذ من باب الاستفهام. يقولون: "إنّها الإبِلٌ أم شاء". ويكون ههنا -فِي قول بعضهم- بمعنى "بل" كقوله جل ثناؤه: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ} 1 وينشدون2:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا
وقال أهل العربية: أمررت برجل أم امرأة "أم" تُشرك بينهما كما أشركت بينهما "أو".
وقال آخرون: فِي "أم" معنى العطف، وهي استفهام كالألف إلاّ أنها لا تكون فِي أول الكلام لأن فِيهَا معنى العطف.
وقال قوم: هي "أو" أبدلت الميم من الواو لتحول إلى معنى، يريد إلى معنى "أو" وهو قولك فِي الإستفهام "أزيد قام أم عمرو?" فالسؤال عن أحدهما بعينه. ولو جئت بـ"أو" لسألت عن الفعل. وجواب أو "لا" أو "نعم", وجواب أم "فلان" أم "فلان".
وقال أبو زيد: العرب تزيد "أم". وقال قوله جلّ ثناؤه {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ