أخرج الحاكم في مستدركه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاء المشركون إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس!) وهذا أمر عجيب وعجيب جداً! فالمسافة بين مكة والقدس أكثر من (1000) كيلو متر ذهاباً فقط، فكيف يذهب ويعود في جزء من الليل وفي هذا الزمن؟ انظر إلى رد فعل الصديق قال: (أوقال ذلك؟ -أي: هل قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - قالوا: نعم، قال: لقد صدق) صدقه هكذا حتى دون أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستوثق منه، ثم يعطي التبرير لمن يستمع له، يقول: (إني لأصدقه بأبعد من ذلك؟ بخبر السماء غدوة وروحة) يعني: أصدقه أنه ينزل عليه ملك من السماء ثم يعود في طرفة عين، فانظر إلى المنطق الرائع وانظر إلى توابع تصديق هذا المنطق في حياة المسلمين لو كل المسلمين فعلاً يصدقون بكل ما قاله صلى الله عليه وسلم دون جدال ولا نقاش ولا تنطع.
ويقال: إنه لأجل هذه الحادثة سمي أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بـ الصديق.
والثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي سمى أبا بكر بـ الصديق، روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحداً وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم، فقال: أثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) وهذا من نبوءات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنبي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والصديق هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه والشهيدان هما: عمر وعثمان رضي الله عنهما استشهدا في سبيل الله.
بل في رواية الحاكم في المستدرك عن النزال بن سبرة رحمه الله أن الذي سماه بذلك هو الله عز وجل.
قال النزال بن سبرة: (قلنا لـ علي: أخبرنا عن أبي بكر؟ قال: ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان جبريل وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم، كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا).