2 - زهده: لقد ضرب لنا العز مثلاً للزهد بسيرته ومواقفه، فكان رحمه الله زاهداً في الدنيا مع مشاركته في أحداثها، وانخراطه في حل مشكلاتها ومعضلاتها فلم يكن منعزلاً عن الناس، بل كان يعيش بينهم رافضاً دنياهم يذكرهم بأخراهم، فكان أغنى الناس رغم فقره إذ لم يكن يتطلع إلى ما في أيديهم بل كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، عطاء الواثق بربه، يعطي الأغنياء والفقراء رغم فقره ولا يرد سائلاً سأله رغم حاجته، فإذا لم يجد ما يعطي ما في جيبه خلع شيئاً من لباسه، أو جزءاً من عمامته، أو شيئاً من أثاث بيته وأعطى لسائله، كان زاهداً في متاع الدنيا رغم أنه كان ملء سمعها وبصرها، يعمل فيها للآخرة رغم أنها جاءته تسعى راغمة والدليل (?) على ذلك مواقف كثيرة منها، عندما عرض عليه رسول الملك الصالح إسماعيل أن ينكسر للسلطان ويقبل يده ويعتذر إليه من موقفه من التحالف مع الصليبيين وتسليم حصون المسلمين لهم – كما مرّ معنا قال الشيخ: والله يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أقبل يده، يا قوم أنتم في واد، وأنا في واد، والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به (?) به ومن زهده وورعه رحمه الله أن نصح للملك الأشرف وهو في مرضه الذي مات فيه، امتثل أمره وعمل بنصحه وأمر له بألف دينار مصرية فردها الشيخ عليه ولم يقبلها وقال: هذه اجتماعة لله لا أكدرها بشيء من الدنيا وودع الشيخ السلطان ومضى (?).