لم تمض سنة واحدة على حادثة بيع الأمراء في المزاد العلني حتى وصل إلى علم الشيخ عز الدين ما فعله أستاذ الدار عند السلطان، وهو ما يعادل اليوم "كبير أمناء الملك أو الرئيس"، وهو معين الدين بن شيخ الشيوخ، والذي كان يجمع إلى منصبه، اختصاصات الوزير، وقائد الجيش في المعارك وفتح دمشق لكنه كان متحللاً وعابثاً ومعتداً بقوته ومنصبه، ولذلك تجرأ على منكر كبير، يخالف أحكام الدين ويسخر بالشرع، ويسيء إلى مشاعر المسلمين، فبنى فوق أحد مساجد القاهرة طبلخانة أي قاعة لسماع الغناء والموسيقى وذلك سنة 640هـ وما أن ثبت ذلك عند الشيخ العز وهو يتولى منصب قاضي القضاة، حتى غضب لله تعالى وإهانة بيت الله، وإعلان المنكر، وإرتكاب الفواحش، وأصدر أمره بهدم البناء، ولكنه خشي من جبن الناس في التنفيذ، أو المعارضة في الهدم، فقام بنفسه، وجمع معه أولاده والموظفين عنده، وذهب إلى المسجد، وحمل معوله معهم، وقاموا بإزالة المنكر، وهدم البناء المستحدث فوق المسجد، ولم يكتف العز بهذا التحدي للوزير والسلطان معاً، بل أسقط عدالة الوزير بما يعني عدم قبول روايته وشهادته، وعزل نفسه عن القضاء، حتى لا يبقى تحت رحمة السلطان، وتهديده بالعزل أو غيره وكان لهذا العمل دوي هائل، أثر عجيب، وتنفس الناس الصعداء من تسلط الحكام، وإرتكاب المخالفات وممارسة التجاوزات الشرعية، ولم يجرؤ أحد أن يمس الشيخ العز بسوء، بل أدرك السلطان نجم الدين أنّ الحق مع الشيخ وتلطف معه للعودة إلى القضاء ولكن الشيخ أصر على ذلك، وظن الوزير رسمياً وشعبياً في ذلك، وأن كلام الشيخ العز سيذهب مع الرياح، ولكن الواقع غير ذلك، وطار الخبر في الآفاق حتى وصل إلى الخليفة في بغداد وأخذ صداه الواسع في العالم الإسلامي (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015