وكان العز حريصاً على تطبيق شرع الله والسير على جادته وتفنيد ما أمر به، فكان ينظر بنور الله، ويبصر ببصر الله ويتكلم بقوة الله وجبروته، ويبطش بيد الله، ويمشي في سبيل الله، وعلى بركة الله، كما جاء في الحديث القدسي السابق ومن هنا أكرمه الله تعالى بأمور خارقة للعادة، مر معنا قصته مع اللصوص في البستان، وقصته في تغيير اتجاه الريح بسبب دعائه في معركة دمياط ضد الفرنج وقصته مع نائب السلطنة الذي جاء العز وهو شاهر السيف ليقتله، فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب، وسقط السيف منها وأرعدت مفاصلة، فبكى وسأل الشيخ أن يدعو له (?) ونضيف هنا قصة جديدة وطريقة، نقلها ابن السبكي فقال: كان في الريف شخص يقال له: عبد الله البلتاجي من أولياء الله وكانت بينه وبين الشيخ عز الدين صداقة، وكان يُهْدي إليه في كل عام، فأرسل إليه مرة جمل هدية، ومن جملته وعاء فيه جُبْن، فلما وصل الرسول إلى باب القاهرة؛ انكسر ذلك الوعاء وتبددّ ما فيه، فتألم الرسول لذلك، فرآه شخص ذمي، فقال له: لم تتألم؟ عندي ما هو خير منه قال الرسول: فاشتريت منه بَدَله وجئت، فما كان إلا يقدر أن وصلت إلى باب الشيخ، ولم يعلم بي ولا بما جرى لي غير الله تعالى، وإذا بشخص نزل من الشيخ، وقال: أصعد بما جئت به فناولته شيئاً فشيئاً إلى أن سلمته ذلك الجبن، فطلع ثم نزل، فقلت أعطيته للشيخ؟ فقال: أخذ الجميع إلا الجبْن ووعاءه فإنه قال لي: ضعه على الباب، فلما طلعت أنا، قال لي: يا وليد ليْش تفعل هذا؟ إن المرأة التي حَلَبت لبن هذا الجبن كانت يدها متنجسة بالخنزير، وردَّه وقال: سلمّ على أخي (?).