فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه وبعث به أفضل الرسل الكرام، وأنزل به أشرف الكتب1.
ثم بعد موته صلى الله عليه وسلم خلفه في الدعوة إلى هذا الدين، وفي نشر هذه العقيدة الصافية، ورثتُه من بعده وهم العلماء المصلحون الصحابة ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم وترسَّم خطاهم، فالأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم.
كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "....إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" 2.
وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا....} 3 الآية فأهل العلم لهم جهد كبير، وأثر عظيم في نقل هذا الدين، وإيصاله إلى الناس صافياً نقياً. ولهم جهد في الذود عن حمى هذا الدين من دسائس المبطلين وتحريف الغالين من الملاحدة والزنادقة والمبتدعة وغيرهم.
قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ في رسالة بعثها إلى مُسَدَّد بن مُسَرْهَد عندما سأله عن أمر الفتنة وما وقع فيه الناس من الاختلاف في القدر والرفض والاعتزال وخلق القرآن والإرجاء. قال: ".... الحمد لله الذي جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، وينهون عن الردى، يحيون بكتاب الله الموتى، وبسنة النبي أهل الجهالة والردى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه. وكم من ضال قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس ينفون عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا أعنَّة الفتنة، مختلفين في الكتاب يقولون على الله وفي الله. تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً، وفي كتابه بغير علم، فنعوذ بالله من كل فتنة مضلة...." 4.
فعلى مر العصور واختلاف الأيام، يقيض الله لهذا الدين العلماء الأعلام، فيقومون بإرشاد الناس إلى الدين، ويهدونهم إلى الطريق المستقيم عن طريق الخطب، والمواعظ والدروس والمؤلفات النافعة.