وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 1.
ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى أتم الله به الدين وأكمله، حيث أدى رسالة ربه وافية كاملة ممتثلاً بذلك أمر ربه حيث يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} 2.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "يقول تعالى مخاطباً عبده محمداً صلى الله عليه وسلم باسم الرسالة، وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله به. وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك، وقام به أتم القيام"3.
ثم ساق ما أخرجه البخاري في ((صحيحه)) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "من حدثك أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد كذب، وهو يقول: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} 4" 5.
وقد أنزل الله في كتابه ـ تبييناً وتنصيصاً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما مات حتى أتم الله الدين وأكمله ـ قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} 6.
وهذا الإنعام أعظم نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه؛ ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن فلا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه. وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خلف كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} 7 أي صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأوامر والنواهي. فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة؛ ولهذا قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} 8 أي