المبحث الثاني
استمرار العمليات والدخول في المفاوضة
في سبتمبر عام 1927م غزت جموع الزوية الجخرة ومرسى بريقة وجالو وأوجلة، وأنزلوا بالطليان خسائر فادحة، واشتدت مقاومة المجاهدين في الجبل الأخضر على الرغم من احتلال الطليان للواحات ومراكز السنوسية الهامة، فلم يعد هناك مناصا من أن يعيد الطليان النظر في خططهم، مما أدى إلى وقوع أزمة كبيرة في روما، وبدأت الحكومة تبحث بصورة جدية وسائل إخماد المقاومة وترسم الخطط السياسية الجديدة التي ترأى ضرورة التقيد بها في كل من برقة وطرابلس، وقد اضطر فيدرزوني وزير المستعمرات، وديبونو والي طرابلس وتيروتزي والي برقة للاستقالة في ديسمبر 1928م، فعين ديبونو وزيراً للمستعمرات وأعلن موسوليني توحيد الإدارة في القطرين الليبيين، وعين الماريشال بادوليو حاكماً على طرابلس وبرقة.
كان مجئ بادوليو إلى ليبيا بداية مرحلة الجهاد الحاسمة بالنسبة للمجاهدين وكان تاريخ تعيينه في شهر يناير من عام 1929م وكان برنامجه الجديد يتلخص في تخفيض الجيش إلى القدر الذي يكفي للقيام (بحرب العصابات) والمحافظة على على هيبة الحكومة مع انفاق الأموال المتوفرة في مد الطرق في الجبل الأخضر مما يسهل عليه التنقلات العسكرية، فإذا ما أتم له ذلك قام بهجوم شامل كاسح على المجاهدين يقضي على المقاومة نهائياً، ومن أجل ذلك سعت إيطاليا إلى مفاوضة السيد عمر المختار لتهدئة الأحوال (?)، فكان برنامج بادوليو مبنياً على كسب الوقت أولاً ثم العمل رويداً رويداً من أجل تقوية المراكز المحتلة.