الفَصل الأول: الذات والصفات

تمهيد:

لم تخل فترة من الزمان منذ بدأ الإسلام من مشتغل على نحو أو آخر بعلم الكلام أو بعبارة أخرى من الحديث في الأمور الغيبية حتى أننا نلمس بذور الاشتغال بالكلام في صدر الإسلام، فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الصحابة يوما وهم يتناظرون في القدر ورجل يقوم ألم يقل الله كذا؟ ... فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "أبهذا أمرتم؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا لا يكذب، انظروا ما أمركم به فافعلوه وما نهيتم عنه فاجتنبوه" (?) .

إذن فبذور النظر العقلي خالط تربة المسلمين منذ كان صاحب الرسالة صلوات الله عليه بين ظهرانيهم، ولكن سلف الأمة كانوا في جملتهم مع أعمال العقل أهل إيمان وتسليم وعمل بما أمرهم الله ورسوله صلى الله عليهه وسلم.

بيد أنه لم يكد المجتمع الإسلامي يخالط المجتمعات الأخرى حتى زادت فتنة الاشتغال بعلم الكلام ـ سواء كان هذا الاشتغال خلفه حسن النية والدفاع عن الإسلام ضد التيارات التي دخلت الإسلام بأغراض شتى ـ أو للاتجاه المضاد وهو الكيد للإسلام من هذا الطريق، وتعددت الفرق بعد ذلك إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015