كان مجلسه ندوة كبيرة يجتمع إليها العلماء والفقهاء للبحث والنظر (?) , ولم تكن المناظرات التي شهدتها مجالسه تزجية للوقت, وتخريجاً نظرياً للفروع على الأصول, ونزفاً فكرياً, إنما كانت نشاطا جاداً من أجل مجابهة المشاكل والتجارب المتجددة المتغيرة, بالحلول المستمدة من شريعة الإسلام وفقهها الواسع الكبير, مادام الرجل يسعى إلى إعادة صياغة الحياة في ميادينها كافة, وعلى مدى مساحاتها بما ينسجم وعقيدة الإسلام و رؤياه لموقع الإنسان في العالم ومن ثم فإن ندوات كهذه أشبه بمجالس أو ((لجان برلمانية)) متخصصة تجتمع بين الحين والحين لحلّ مشكلة ما, أو استعداد تشريع, أو إقرار قانون, ونحن نذكر هنا ذلك الاجتماع الموسّع الذي مرّ ذكره مع حشد من العلماء الذين اختيروا لكي يمثلوا المذاهب الفقهية كافة من أجل النظر في عدد من قضايا الوقت والمصالح العامة (?)، وقد شبه ابن الأثير مجلسه بمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم: مجلس حلم وحياء, لاتؤبن فيه الحرم ولايذكر فيه إلا العلم والدين وأحوال الصالحين, والمشورة في أمر الجهاد وقصد بلاد العدو ولا يتعدى هذا (?).