على ابن علي الإصبع، فإن المحذوف هنا وفي الآيات جواباً الشرط وأما قوله إن هذه الآيات من الإيجاز لا من الاكتفاء فجوابه أنه لا مانع أن يكون كل منهما إيجازاً أو اكتفاء إذ الاكتفاء نوع من الإيجاز لأن التحقيق في تعريف الإيجاز أن يقال هو أن يحذف بعض الكلام ويدل بدلالة أما لفظية نحو: (وَكانَ وَرَاءَهُم مَلِكُ يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ غَصْبَا) أي صالحة بدليل (أن أعيبها) وإن قري كذلك وأن يعيبها ألا يخرجها عن كونها سفينة فلا فائدة حينئذ، أو عقلية نحو: (وأسْألِ القَرْيةَ) أي أهل القرية لامتناع توجه السؤال لها عقلاً. والاكتفاء ما دل عليه بدلالة لفظية كما تقدم. فهو أخص منه ومستلزم فيلزم من كون هذه الآية الشريفة مشتملة على الاكتفاء اشتمالها على الإيجاز. وكذلك البيتان بعدها لانطباق كل من التعريفين عليها ودخولها تحت قيد واحد وهو الدلالة اللفظية وساغ كونها لفظية أن كل شرط يقتضي جواباً وكذا كل ما صح أن يكون شاهداً على نوع الاكتفاء صح أن نستشهد به على الاتحاد من غير عكس وتقسيم دلالة المجاز إلى لفظية وعقلية وهو ما صرح به السكاكي ومن تبعه خلافاً لما أسلفناه من تعريف ابن أبي الإصبع المقتضى لاختصاصها باللفظية لما يلزم عليه من اتحاده مع تعريف الاكتفاء، ومنه نشأ سؤال ابن الصاحب المتقدم وعلى تقدير اتحادهما فيقال الاتحاد من مباحث علم المعاني والاكتفاء من مقولات فن البديع ولا يعترض على أهل فن باصطلاح غيرهم ولهذا لم يذكر الاكتفاء غالب البلغاء في علم البديع لاستغنائهم عنه بذكر الإيجاز في علم المعاني لأنه إما عينه أو نوع منه على ما تقدم من إخلاف التعريض مع أنه لا اعتراض على من ذكره فيهما