وَمَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَنْكَحِهِ وَمَالِهِ وَجَاهِهِ، وَقَدْ تَلْحَقْ هَذِهِ الْخِصَالُ الآخِرَةُ بِالْأُخْرَوِيَّةِ إذَا قُصِدَ بِهَا التَّقْوَى وَمَعُونَةُ الْبَدنِ عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِهَا وَكَانَتْ عَلَى حُدُودِ الضَّرُورَةِ وَقَواعِدِ الشَّريعَةِ، وَأمَّا المُكْتَسَبَةُ الْأخْرَوِيَّةُ فَسَائِرُ الأخلاق العلمية وَالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالصَّبْرِ والشكر والعدل وَالزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ وَالْعَفْوِ وَالْعِفَّةِ والْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْحَيَاءِ وَالمُرُوَءَةِ وَالصَّمْتِ وَالتُّؤَدَةِ وَالْوَقَارِ وَالرَّحْمَةِ وحُسْنِ الْأَدَبِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَأَخَواتِهَا وَهِيَ الَّتِي جِمَاعُهَا: حُسْنُ الْخُلُقِ.
وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ مَا هُوَ فِي الْغَرِيزَةِ وَأصْلِ الْجِبِلَّةِ لِبَعْضِ النَّاسِ وَبَعْضُهُمْ لَا نكون فِيهِ فَيَكْتَسِبُهَا وَلَكِنَّهُ لَا بُدَّ أنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ أصُولِهَا فِي أَصْلِ الْجِبِلَّةِ شُعْبَةٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَكُونُ هَذِهِ الْأَخلَاقُ دُنْيَوِيَّةً إذَا لَمْ يُرَدْ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ وَلَكِنَّهَا كُلَّهَا مَحَاسِنُ وَفَضَائِلُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ الْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي مُوجِبِ حُسْنِهَا وَتَفْضِيلِهَا.
قَالَ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ خِصَالُ الْكَمَالِ وَالْجَلَالِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَرَأَيْنَا الْوَاحِدَ مِنَّا يَتَشَرَّفُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا أَوِ اثْنَتَيْنِ إِنِ اتَّفَقَتْ لَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ إِمَّا مِنْ نَسَبٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ قُوَّةٍ أوْ عِلْمِ أَوْ حِلْمٍ أو شجاعة