وَهُو صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَاجِب الرّعَايَة بِكُلّ حَال وَهَذَا هُو صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَد نَهَى عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ فَقَال: (سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تُكَنُّوا بِكُنْيَتِي) صَيَانَةً لِنَفْسِه وَحِمَايَة عَن أذَاه إِذ كَان صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم اسْتَجَاب لِرَجُل نَادَى يَا أَبَا الْقَاسِم، فَقَال: لَم أعْنِك، إنَّمَا دَعَوْت هَذَا، فَنَهى حِينَئِذ عَن التَّكَنّي بِكُنْيَتِه لِئَلَّا يَتَأذَّى بإجَابَة.
دَعْوَة غَيْرِه لِمَن لَم يَدْعُه وَيجد بذلك المنافقون والمستهزؤن ذَرِيعَة إِلَى أذَاه وَالإزْرَاء بِه فَيُنَادُونَه فَإِذَا الْتَفَت قَالُوا: إنَّمَا أرَدْنَا هَذَا لِسِوَاه.
تَعْنِيتًا لَه وَاسْتخْفَافًا بِحَقَّه عَلَى عادَة
المُجَّان وَالْمُسْتَهْزِئِين فَحمى صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم حِمى أذَاه بِكُلّ وجه، فحمل محققوا الْعُلمَاء نَهْيَه عَن هَذَا عَلَى مُدَّة حَيَاتِه وَأجَازُوه بَعْد وَفاتِه لارْتِفَاع العِلَّة، وَللنَّاس فِي هَذَا الْحَدِيث مَذَاهِب لَيْس هَذَا مَوْضِعَهَا وَمَا ذَكَرْنَاه هُو مَذْهَب الجُمْهُور وَالصَّوَاب إنّ شَاء اللَّه أَنّ ذَلِك عَلَى طريق تعظيمه وتوقيره وعلى سبيل الندب والاستحباب لَا عَلَى التحريم وَلِذَلِك لَم ينه عَن اسْمُه لِأَنَّه قد كَان اللَّه منع من ندائه بِه بِقَوْلِه: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) وَإِنَّمَا كَان الْمُسْلِمُون يَدْعُونَه يَا رَسُول اللَّه يَا نَبِيّ اللَّه وَقَد يَدْعُونَه بِكُنْيَتِه أَبَا الْقَاسِم بَعْضُهُم فِي بَعْض الأحْوَال، وَقَد رَوَى أَنَس رَضِي اللَّه عَنْه عنه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم مَا يَدُلّ عَلَى كَرَاهَة التَّسَمي باسْمِه وَتَنْزِيهِه عَن ذَلِك إذَا لَم يُوَقَّر، فَقَال (تُسَمُّونَ أَوْلادَكُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ) وَرُوي