قَال الْقَاضِي أبو الفضل وفقه الله قَد تقدَّم مِن الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإجْمَاع الْأُمَّة مَا يَجِب مِن الحُقُوق للنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَمَا يَتَعَيَّن لَه من برّ وَتَوْقِير وَتَعْظِيم وَإكْرَام وَبحَسَب هَذَا حَرَّم اللَّه تَعَالَى أذَاه فِي كَتَابِه وَأجْمَعَت الْأُمَّة عَلَى قَتْل مُتَنَقَّصِه مِن الْمُسْلِمِين وسابك قال الله تعالى:
(إن الذى يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا) وقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وَقَال اللَّه تَعَالَى: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ الله عظيما) وقال تعالى في تحريم التّعْرِيض لَه: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا واسمعوا) الآيَة، وَذَلِك أَنّ الْيَهُود كَانُوا يَقُولُون رَاعِنَا يَا مُحَمَّد: أَي أرْعِنَا سَمْعَك وَاسْمَع مِنَّا، وَيُعَرّضُون بالكلمة يريدون الرعوبة فَنَهى اللَّه الْمُؤْمِنين عَن التّشَبُّه بِهِم وَقَطَع الذَّرِيعَة بِنَهْي الْمُؤْمِنين عَنْهَا لِئَلَّا يَتَوَصَّل بِهَا الْكافِر وَالْمُنَافِق إِلَى سَبّه والاسْتِهْزَاء بِه وَقِيل بل لما فيه من مُشَارَكَة اللفظ لِأَنّهَا عِنْد الْيَهُود بِمَعْنَي اسْمَع لَا سَمِعْت، وَقِيل: بَل لَمّا فِيهَا من قلَّة الأدَب وعدم تَوْقِير النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَتَعْظِيمه لِأَنّهَا فِي لُغَة الْأَنْصَار بِمَعْنَي ارْعَنَا نرعك فنهوا عن ذلك إِذ مُضْمَنُه أَنَّهُم لا يرعون إلا برعايته لهم