نِفْطُوَيْهِ: ذَهَبَ نَاسٌ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاتَبٌ بِهَذِهِ الآيَةِ، وَحَاشَاهُ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ كَانَ مُخَيَّرًا، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُمْ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ لَقَعَدُوا لِنِفَاقِهِمْ، وَأنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي الإِذْنِ لَهُمْ.
قَالَ الْفَقِيهُ الْقَاضِي وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَجِبُ عَلَى المُسْلِمِ الْمُجَاهِدِ نفسه ارائض بِزَمامِ الشَّرِيعَةِ خُلُقَهُ أنْ يَتَأدَّبَ بِآدَابِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَمُعَاطَاتِهِ وَمُحَاوَرَاتِهِ، فَهُوَ عُنْصُرُ الْمَعَارِفِ الحقيقة وَرَوْضَةُ الآدَابِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَلْيَتَأَمَّلْ هَذِهِ المُلاطَفَةَ الْعَجِيبَةَ فِي السُّؤَالِ مِنْ رَبِّ الْأَرْبَابِ: الْمُنْعِمِ عَلَى الْكُلِّ، الْمُسْتَغْنِي عَنِ الجميع ويستشير مَا فِيهَا مِنَ الْفَوَائِدِ وَكَيْفَ ابْتَدَأَ بِالْإِكْرَامِ قَبْلَ الْعَتَبِ، وَآنَسَ بِالْعَفْوِ قَبْلَ ذِكْرِ الذَّنْبِ إِنْ كَانَ ثَمَّ ذَنْبٌ.
وَقَالَ تَعَالَى (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ