(فصل) ومنها الروعة التى تلحق قلوب سامعيه

والذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقُولُهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ إلَّا غُصَّ بِرِيقِهِ يَعْنِي يَمُوتُ مَكَانهُ فَصَرَفَهُمُ اللَّه عَنْ تَمَنّيهِ وَجَزَّعَهُمْ لِيُظْهِرَ صِدْقَ رَسُولِهِ وَصِحَّةَ مَا أَوحِيَ إليْهِ إِذْ لَمْ يَتَمَنَّهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَكَانُوا عَلَى تَكْذِيبِهِ أحْرَصَ لَوْ قَدَرُوا وَلَكِنِ اللَّه يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ فَظَهَرَتْ بذلك معجزته وَبَانَتْ حُجَّتُهُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَصِيلِيُّ من أَعْجَبِ أَمْرِهِمْ أنَّهُ لَا يُوجَدُ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا وَاحِدٌ من يَوْم أمر اللَّه بِذَلِكَ نَبِيَّهُ يُقْدِمُ عَلَيْهِ ولا يجيب إليه وَهَذَا مَوْجُودٌ مُشَاهَدٌ لِمَنْ أَرَادَ أَنَّ يَمْتَحِنَهُ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ آيَةُ الْمُبَاهَلَةِ من هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ وَفَدَ عَلَيْهِ أَسَاقِفَةُ نَجْرَانَ وَأَبَوُا الْإِسْلَام فَأنْزَلَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ آيَةَ الْمُبَاهَلَةِ بِقَوْلِهِ (فَمَنْ حَاجَّكَ فيه) الآية قامتنعوا مِنْهَا وَرَضُوا بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَاقِبَ عَظِيمَهُمْ قَالَ لهم قد علمتهم أنَّهُ نَبِيّ وَأنَّهُ مالا عن قَوْمًا نَبِيّ قَطُّ فَبَقِيَ كَبِيرُهُمْ وَلَا صَغِيرُهُمْ وَمِثلُهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) إِلَى قَوْلِهِ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) فَأَخْبرَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَفَعْلُونَ كَمَا كَانَ وَهَذِهِ الآيَةُ أَدْخَلُ فِي بَابِ الإخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ وَلَكِنْ فِيهَا مِنَ التَّعْجِيزِ مَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا.

(فصل) وَمِنْهَا الرَّوْعَةُ الَّتِي تَلْحَقُ قُلُوبَ سَامِعِيهِ وَأَسْمَاعَهُمْ عِنْدَ سَمَاعِهِ وَالْهَيْبَةُ الَّتِي تَعْتَرِيهِمْ عِنْدَ تِلاوَتِهِ لِقُوَّةِ حَالِهِ وإنامة خطره وهى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015