فَأَجَابَهُمْ وَعَرَّفَهُمْ بِمَا أُوحِيَ إليْهِ من ذَلِكَ أنَّهُ أنْكَرَ ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ بَلْ أَكْثُرُهُمْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ وَصِدْقِ مقالته واعترف بعاده وَحَسَدِهِ إيَّاهُ كَأَهْلِ بحران وَابنِ صُورِيَا وَابْنَيْ أَخْطَبَ وَغَيْرِهِمْ وَمَنْ بَاهَت فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْمُبَاهَتَةِ وَادَّعَى أَنَّ فِيمَا عِنْدَهُمْ من ذَلِكَ لِمَا حَكَاهُ مُخَالَفَةً دُعِيَ إِلَى إقَامَةِ حُجَّتِهِ وَكَشْفِ دَعْوَتِهِ فَقِيلَ لَهُ (قُلْ فَأْتُوا بالتوراة قاتلوها إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) إِلَى قَوْلِهِ (الظَّالِمُونَ) فقرع وونخ ودعا إلى إحظار مُمْكِنٍ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ فَمِنْ مُعْتَرِفٍ بِمَا جَحَدَهُ وَمُتَوَاقِحٍ يُلْقِي عَلَى فَضِيحَتِهِ من كِتَابِهِ يَدَهُ وَلَمْ يُؤْثَرْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ أظْهَرَ خِلَافَ قَوْلِهِ من كُتُبِهِ وَلَا أَبْدَى صَحِيحًا وَلَا سَقِيمًا من صُحُفِهِ قَالَ اللَّه تعالى (يا أهل الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ ويعفوا عن كثير) الآيَتَيْنِ.

(فصل) هذه الوجوه الأربعة من إعجازه

(فصل) هَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ من إِعْجَازِهِ بَيِّنَهٌ لَا نِزَاعَ فِيهَا وَلَا مِرْيَةَ وَمِنَ الْوُجُوهِ البيّنَةِ فِي إِعْجَازِهِ من غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ آيٌ وَرَدَتْ بِتَعْجِيزِ قَوْمٍ فِي قَضَايَا وَإِعْلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يَفَْعَلُونَهَا فَمَا فَعَلُوا وَلَا قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ كَقَوْلِهِ لِلْيَهُودِ (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً) الآية قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجّاجُ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَعْظَمُ حَجَّةٍ وَأَظَهرُ دلالَةٍ عَلَى صِحَّةِ الرِّسالَةِ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فَتَمَنَّوُا الموت وَأَعلَمَهُمْ أَنَّهُمْ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا فَلَمْ يَتَمَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015