إن هَذِهِ الْقِصَصَ الْمَشْهُورَةَ من بَابِ خَبَرِ الْوَاحِدٍ إلَّا قِلَّةُ مُطَالَعَتِهِ للأَخْبَارِ
وَرِوَايَتِهَا وَشُغْلُهُ بغير ذَلِكَ مِنَ الْمَعَارِفِ وَإِلَّا فَمَنِ اعْتَنَى بِطُرُقِ النَّقْل وَطَالعَ الْأَحَادِيثَ وَالسّيرَ لَمْ يَرْتَبْ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِالتَّوَاتُرِ عِنْدَ وَاحِدٍ وَلَا يَحْصُلُ عِنْدَ آخَرَ فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَعْلَمُونَ بِالْخَبَرِ كَوْنَ بَغْدَادَ مَوْجُودَةً وَأنَّهَا مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ وَدارٌ الْإِمَامَةِ وَالْخِلافَةِ وآخاد مِنَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ اسْمَهَا فَضْلًا عَنْ وَصْفِهَا وَهَكَذَا يَعْلَمُ الْفُقَهَاءُ من أَصْحَابِ مَالِكٍ بِالضَّرُورَةِ وَتَواتُرِ النَّقْلِ عَنْهُ أَنَّ مَذْهَبَهُ إِيجَابُ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ لِلْمُنْفَردِ وَالْإِمَام وإجزاء السية فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ من رَمَضَانَ عَمَّا سِوَاهُ وأن الشعافعى يَرَى تَجْدِيدَ النّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَالاقْتِصَارَ فِي الْمَسْحِ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ وَأَنَّ مَذْهَبَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلِ بِالمُحَدَّدِ وَغَيْرِهِ وَإِيجَابُ النّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَاشْتِرَاطُ الْوَلِيّ فِي النّكَاحِ وَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يخَالِفُهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَذَاهِبِهِمْ وَلَا رَوَى أَقْوَالَهُمْ لَا يَعْرِفُ هَذَا من مَذَاهِبِهِمْ فضْلًا عَمَّنْ سِوَاهُ وَعِنْدَ ذِكْرِنَا آحَادَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ نَزِيدُ الْكَلَامَ فِيهَا ببانا إن شاء الله تعالى.