ذلك عندي إلى أربعة عوامل:

فهذه المنطقة، أولا، منطقة يظهر فيها "التضاد الجغرافي" ظهورا شديدا، حتى ليعدها الجغرافيون من المناطق التي يختلط فيها الرعي بالزراعة1. ففيها من المناطق ما يصفه القرآن الكريم بأنه واد غير ذي زرع2، ويذكر بعض الدارسين أن ليس فيما يحيط بمكة من أرض ما يكفي لحياة سكانها3، وليس في جميع جبال مكة -كما يذكر الجغرافيون- نبات إلا شيء يسير من الضهياء يكون في الجبل الشامخ، وليس في شيء منها ماء4، ولكن في هذه المنطقة إلى جانب هذا مناطق شديدة الخصب، وقد رأينا منها الطائف، وتعد منطقة السراة جنوبي مكة أشد مناطق الحجاز خصبا5، تنمو بها أشجار الصمغ والصنوبر والسرو6، وقد قلنا إن ظاهرة التضاد الجغرافي تثير في نفوس الفقراء إحساسا قويا بالفقر يدفعهم إلى التمرد.

وهذه المنطقة، ثانيا، منطقة جبلية. وسكان المناطق الجبلية -في العادة- أشداء مغامرون متكبرون، أخذوا من الصخر شدته، ومن التواء الدروب حب المغامرة، ومن شموخ الجبال الكبرياء العنيدة التي ترفض الخضوع. ويقرر الدارسون للبيئات الجغرافية "أن سكان الجبال الذين لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015