ويقول متحدثا عن اعتماده على كلا الأسلوبين في بعض غاراته:

لعل انطلاقي في البلاد، ورحلتي ... وشدي حيازيم المطية بالرحل

سيدفعني يوما إلى رب هجمة ... يدافع عنها بالعقوق وبالبخل

قليل تواليها وطالب وترها ... إذا صحت فيها بالفوارس والرجل1

وقد وفر الصعاليك لهذه الغارات كل ما يحقق لها النجاح، وبلوغ الغاية، وإدراك الهدف. فإلى جانب ما وفروه لها من قوة الجسد، وشجاعة القلب، وصدق العزيمة، وسرعة العدو، وفروا لها سعة الحيلة، وعمق الدهاء، والقدرة على الخلاص من المآزق الضيقة، والمواقف الحرجة. ففي أخبار الشنفرى أنه كان إذا سار في الليل نزع نعلا ولبس نعلا، وضرب برجله، حتى يموه على الناس، فيظنوه الضبع2. وفي أخباره أيضا أنه أقبل في ليلة على ماء لبني سلامان، فلما دنا من الماء قال: إني أراكم، وليس يرى أحدا، إنما يريد بذلك أن يخرج رصدا إن كان ثمة من يترصد له3. وفي أخبار السليك أنه احتال على رجل في سوق عكاظ حتى عرف منه منازل قومه، تمهيدًا للإغارة عليها4.

وخبر الحيلة التي لجأ إليها تأبط شرا، حين حاصرته لحيان وهو يشتار العسل من غار في بلادهم، خبر ذائع مشهور5. وقصة احتياله هو الشنفرى وابن براقة على بجيلة حين أسرته، حتى نجا ونجا معه صاحباه، وهي القصة التي أشار إليها في قافيته المفضلية، قصة مشهورة أيضا6.

وإلى جانب هذا كله كان طبيعيًّا أن يوفر الصعاليك لغاراتهم السلاح الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015