الجلود عند حاجز1، والوجوه المشرقة كلون الماء المذهب عند الشنفرى2، والنبت الأخضر في الربيع3، واسوداد أنامل الفقراء في الشتاء4، وسواد معاصم الفقيرات5، والقدر السوداء التي يجتمع حولها الفقراء الجياع6 عند عروة.
والمظهر الخامس من مظاهر هذه الواقعية الصراحة في التصوير، وتسجيل الواقع كما هو دون محاولة لإخفائه، أو تغيير حقيقته، وقد رأينا في الفصل السابق أمثلة لهذه الصراحة التي تسجل الواقع كما هو في أحاديث الشعراء الصعاليك عن فرارهم وهربهم وعن فقرهم وجوعهم وهزالهم، وهوان وضعهم الاجتماعي.
ولا يجد الشاعر الصعلوك حرجا من أن يتحدث عن فرحته بنعلين أهديتا له كما يفعل أبو خراش7، أو يتحدث عن نعليه الباليتين الممزقتين كما يفعل تأبط شرا والشنفرى وأبو خراش أيضا8، أو عن ثيابه الأخلاق التي "إذا أنجمت من جانب لا تكفف" كما يقول الشنفرى9، أو عن حمله قربة الماء كما يذكر تأبط شرا10.
والمظهر السادس لهذه الواقعية الدقة في التعبير، تلك الدقة التي تحدد العبارة تحديدا واضحا لا غموض فيه.
فحين يعتذر تأبط شرا عن فراره من أعدائه مخلفا صاحبه لهم يراه يضع