المجموعة الإسلامية في شعرهم:
حين ننظر فيما بين أيدينا من شعر الصعاليك نجد مجموعة أخرى قليلة نظمها المخضرمون منهم: أبو الطمحان القيني، وأبو خراش الهذلي، وفضالة بن شريك الأسدي، بعد أن أشرقت الجزيرة العربية بنور ربها.
وقبل أن نمضي في استعراض موضوعات هذه المجموعة التي يصح أن نطلق عليها "المجموعة الإسلامية في شعر الصعاليك" نقف لنسجل ملاحظتين: أولاهما أن مجموعة من شعر أبي الطمحان ليس من اليسير تمييز الجاهلي فيها من الإسلامي؛ إذ إن كل ما يرويه الرواة حولها من أخبار لا يكفي لتحديد الوقت الذي قيلت فيه، كما أن هذه المجموعة خالية تماما من الإشارات التي تحدد زمنها، ما عدا بيتين يصف فيهما انحناء جسمه وتقارب خطوه1، مما يرجح أنه قالهما في شيخوخته المتأخرة، وبيتين آخرين في مدح يزيد بن عبد الملك يذكر الأصمعي أنه أعطاهما مغنيا ليتغنى بهما في مجلس يزيد2.
وأما الملاحظة الأخرى فهي أن كل ما وصل إلينا من شعر فضالة بن شريك إسلامي، تؤكد ذلك أخباره والأسماء الإسلامية التي وردت فيه، أما شعره الصعلكي فلم يصل إلينا شيء منه، مع أنهم يذكرون عنه أنه "كان شاعرا فاتكا صعلوكا مخضرما أدرك الجاهلية والإسلام"3. وهي ظاهرة غريبة وقفت طويلا أمام تعليلها، وانتهيت إلى فرضين: إما أن فضالة لم يكن قد نضج فنيا في الجاهلية، ولم يتم نضجه إلا بعد الإسلام، وإما أن يكون له شعر داخل دائرة التصعلك ولكن عملت ظروف خاصة على ضياعه، وأنا أرجح هذا الفرض الأخير، وأرجح أن أهم هذه الظروف المركز الاجتماعي لابنه فاتك، فقد "كان سيدا جوادا"4، وكان كريما على بني أمية، وهو