ويحرص الصعاليك العداءون على تسجيل ظاهرة طريفة في حديثهم عن العدو، وهي حركة ثيابهم عند عدوهم، وما يفعلونه أو تفعله الرياح بها، وهي ظاهرة تستمد طرافتها من صدقها وبساطتها وواقعيتها، ومن أطرف الأشياء في هذا الصدد أنهم أكثر ما يذكرون ثيابهم يذكرون أنها بالية ممزقة.
يصف صخر الغي صاحب له بأنه يعدو فيرفع باطن ركبتيه ثوبه الخلق:
ترى عدوه صبح إقوائه ... إذا رفع المأبضان الحشيفا
كعدو أقب رباع ترى ... بفائله ونساه نسوفا1
أما أبو خراش فثوبه الخلق البالي يهتز في أثناء عدوه كأنه ينتفض من حمى تلازمه:
فعديت شيئا والدريس كأنما ... يزعزعه ورد من الموم مردم2
وهو أحيانا يضيق بثيابه لأنها تعوقه عن سرعة العدو فيطرحها عنه:
ورفعت ساقا لا يُخاف عثارها ... وطرحت عني بالعراء ثيابي3
وفي قصيدة أخرى يصف جماعة من العدائين وقد ألقوا ثيابهم عنهم من شدة عدوهم:
وعادية تُلقي الثياب وزعتها ... كرجل الجراد ينتحي شرف الحزم4
ويتحدث تأبط شرا عن مطاردة حاجز الأزدي وأصحابه له، ويصفهم بأنهم قد ألقوا عن أجسادهم ثيابهم البالية، وشمروا عن سيقانهم ليسهل عليهم إدراكه:
فتعتعت حضني حاجز وصحابه ... وقد نبذوا خلقانهم وتشنعوا5