وشذاذ الأحياء، وصعاليك القبائل التي تنزل بعيدا عن طرق القوافل، ووقفوا يتربصون بها في مواسم مرورها، ويقطعون عليها الطرق، وينتهبون ما يقدرون على انتهابه، ليتقاسموه فيما بينهم، ويشركوا فيه أحيانا أولئك الصعاليك الضعاف والمرضى والمسنين ممن حالت ظروفهم الخاصة دون المشاركة في الغزو والغارة.
ومن الطبيعي أن يتربص هؤلاء المتمردين من الصعاليك بالقوافل الصغيرة؛ لأنها غنيمة أيسر منالا، وأضمن عاقبة، ويحدثنا ابن قتيبة عن فاتكين التقيا "فسارا حتى لقيا رجلا من كندة في تجارة أصابها من مسك وثياب وغير ذلك" فتربصا به، حتى قتلاه واقتسما ماله1. ولهذا كان أصحاب القوافل يحرصون -إلى جانب ما كانوا يتخذونه من وسائل لسلامة قوافلهم- على أن تكون هذه القوافل كبيرة ضخمة كثيرة العدد، وقد بلغت قافلة قريش التي تصدى لها المسلمون عند بدر ألف بعير2، وبلغ عدد الرجال المرافقين لها قريبا من سبعين راكبا في بعض الروايات3. وثلاثين أو أربعين في رواية أخرى4، ويصفها ابن إسحاق بأنها "عير عظيمة"5، وكانت بعض قوافل قريش تصل إلى ألفين وخمسمائة بعير6، وكان مرافقو بعض هذه القوافل يبلغون أحيانا ثلاثمائة7، وقد رأى سترابو قافلة من قوافل العرب التجارية وشبهها بالجيش8، ويذكر لامانس أن هذه القوافل كانت تتميز عادة بضخامتها العددية9.
ومع ذلك لم يحل هذا كله دون استمرار حركات المتمردين ضد هذه