لا تؤمن عواقبها، ويحدثنا ابن حبيب عن طائفة من "أدلاء العرب الذين انتهت إليهم الدلالة"1. ويذكر منهم واحدا "بلغ وبار ولم يبلغها غيره"2.

وإلى جانب هؤلاء الأدلاء كانت القوافل التجارية تحتاج إلى "خفراء" أو "حماة" يؤمنون سبلها، ويذودون عنها وحوش الصحراء3، ويدفعون عنها "ذؤبان العرب، وصعاليك الأحياء، وأصحاب الغارات، وطلاب الطوائل" كما يعددهم الجاحظ في بعض رسائله4، وذلك لأن طرق القوافل "كانت دائما معرضة لغزو القبائل، وسطو شذاذ الطرق وقطاعها، الذين كانوا يعيثون في الصحراء فسادا، ويعيشون من السلب والنهب"5، وبخاصة في تلك المناطق التي يصفها المؤرخون بأنها "لم تكن أرض مملكة، وكان من عز فيها بز"6، أي تلك المناطق التي لم تكن فيها حكومة منظمة تضرب على أيدي العابثين، وإنما كانت تدين بشريعة القوة، ويسيطر عليها مذهب "الحق للقوة"، ولهذا كان أصحاب القوافل مضطرين إلى استخدام جماعات كبيرة من الناس لخفارة بضائعهم والمحافظة عليها في الطريق7، "وكانوا يسارعون إلى تقوية هذا الحرس عند اقترابهم من المسالك الخطرة، بالقرب من تلك المفاوز المعرضة لغزوات الصعاليك، أو عندما يضطرون إلى اختراق المناطق التي تنزلها قبائل معادية أو مشتبه فيها"8، كقبيلة هذيل التي كانت قبيلة تخشاها القوافل التجارية9، وكقبيلة فهم التي كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015