يتلعب به صعاليك العرب ويتخطفه ذئابها فتأكل ما له، وفي أخبار معبد بن زرارة "أن قيسا أسرته يوم رحرحان فساروا به إلى الحجاز، فأتى لقيط "أخوه" في بعض الأشهر الحرم، ليفديه فطلبوا منه ألف بعير، فقال لقيط: إن أبانا أمرنا ألا نزيد على المائتين فتطمع فينا ذؤبان العرب"1.

وهنا يجدر بنا أن نقف لنلاحظ أن هذا الأسلوب من أساليب العيش الذي سلكه صعاليك العرب لم يكن إلا صورة من الحياة الاجتماعية التي كان يعرفها المجتمع الجاهلي، ذلك المجتمع الذي كان يؤمن بأن "الغزو أدر للقاح، وأحد للسلاح"2. وليس من شك في أن المجتمع الجاهلي كان يؤمن بالقوة إيمانا جعلها من مقومات حياته، وجعل الغزو أساسا من الأسس التي يقوم عليها بناؤه3، "فبقدر ما كان التناصر بين أفراد القبيلة، كان التخاصم بين القبائل في سبيل الشرف والرياسة أو المال والعيش، لذلك كانت حياة القبائل الجاهلية حمراء مصبوغة بالدم"4 يتسابق أفرادها إلى الجهل، بل يحرص كل منهم على أن يجهل "فوق جهل الجاهلينا"5، مؤمنين بالظلم وبأن "من لا يَظلم الناس يُظلم"6، وبأن في الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان7، وبأن "الشهرة بالشر خير من ألا أُعرف بخير ولا شر"8.

ولعل عمل الصعاليك "كان استئناسا بعمل القبائل معا؛ إذ كانت حياته قائمة إلى حد ما على الغزو والسلب، والفرق بين الصورتين أن عمل القبائل جماعي منظم، وعمل الصعاليك فردى لا نظام له"9.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015