به، وينقض مبادئ المرجئة وما تقوم عليه من القول بأن العمل لا يدخل في الإيمان، لما في قولهم من شرك، وإلحاد، وتعطيل للفروض ويبرهن له على فساد معتقده بأن الدنيا لا تستقر على حال، وأن زينتها لا تدوم مهما تكثر وتعطل وتتصل. ويدعوه في النهاية إلى ندب نفسه لمكافحة من لا يقيمون الصلاة.
ولكن دعاية ضد الحارث والمرجئة لم تجد نفعا، كما أن عاصما لم يتمكن من التغلب عليه، فاختلت الأوضاع بخراسان واضطربت، فعزل هشام بن عبد الملك عاصما عن إدارتها، وأرسل إليها أسد بن عبد الله القسري. فلما علم عاصم بفصل هشام له، صالح الحارث، وكتب بينه وبينه كتابا على أن ينزل الحارث أي كور خراسان شاء، وعلى أن يناشدا هشاما العمل بالكتاب والسنة، فإن امتنع اتفقا عليه1، وحارباه معا. وساندته أكثر القبائل إلا بكرا فإنها خالفته وقال سيدها يحيى بن الحضين: "هذا خلع لأمير المؤمنين"2. فقال خلف بن خليفة البكري في موقف يحيى3:
أبى هم قلبك إلا اجتماعا ... ويأبى رقادك إلا امتناعا
بغير سماع ولم تلقني ... أماول من ذات لهو سماعا
حفظنا أمية في ملكها ... ونخطر من دونها أن تراعا4
ندافع عنها وعن ملكها ... إذا لم نجد بيديها امتناعا
أبى شعب ما بيننا في القديم ... وبين أمية إلا انصداعا5
ألم نختطف هامة ابن الزبير ... وننتزع الملك منه انتزاعا
جعلنا الخلافة في أهلها ... إذا اصطرع الناس فيها اصطراعا
نصرنا أمية بالمشرفي ... إذا انخلع الملك عنها انخلاعا