ويجمع القدماء على أنه استشهد يوم نسف1. ومعروف أن قتيبة أغار على نسف سنة إحدى وتسعين2، مما يقطع بأنه جاد بروحه في تلك السنة.

ويمكن أن نقسم شعره قسمين: الأول الشعر التقليدي، هو يحتوي على مدائحه، والثاني الشعر الذاتي، وهو يحتوي على كل ما عبر به عن علاقته بغيره من الشعراء، أوبأفراد أسرته، وكل ما أفصح فيه عن تجربته في الحياة، وما اكتسبه من الحكمة.

ومن أول ممدوحيه طلحة بن عبد الله الخزاعي: "أجود أهل البصرة في زمانه غير مدافع"3. ونراه يتضجر في قصيدة من تناسيه له، وتجاهله عليه، ويجهر بأنه إن كان سكت على تقصيره في مكافأته تقصيرا أزرى به، فإنه لن يسكت على ذلك طويلا، بل سيعامله معاملة الند للند، فإن أحسن إليه أخلص له، وإلا فإنه لن يحرص على صداقته، يقول1:

لقد كنت أسعى في هواك وأبتغي ... رضاك وأرجو منك ما لست لاقيا

وأبذل نفسي في مواطن، غيرها ... أحب، وأعصى في هواك الأدانيا

حفاظا وتمسيكا لما كان بيننا ... لتجزيني ما لا إخالك جازيا5

رأيتك ما تنفك منك رغيبة ... تقصر دوني أو تحل ورائيا6

أراني إذا استمطرت منك رغيبة ... لتمطرني عادت عجاجا وسافيا7

وأدليت دلوي في دلاء كثيرة ... فأبن ملاء غير دلوي كما هيا

ولست بلاق ذا حفاظ ونجدة ... من القوم حرا بالخسيسة راضيا

فإن تدن مني تدن منك مودتي ... وإن تنأ عني تلفني عنك نائيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015