وعندما كبر المغيرة انتظم في سلك الجندية، وغدا فارسا من فرسان المهلب بن أبي صفرة، في أثناء منازلته للأزارقة، وشاعرا من شعرائه، فمدحه مديحا معجبا سجل فيه فتوته، وما نهض به من عمل ضخم، وهو يجالد الأزارقة، ويوقع بهم في الأهواز وسابور1. فأكرمه، وأجزل له العطاء، فرجع إلى أهله وقد ملأ كفيه بجوائزه وصلاته والفوائد منه2.

ولما ولي المهلب خراسان خرج معه إليها، وأصبح هو وكعب الأشقري، وثابت قطنة وزياد الأعجم شعراءه المقربين، الذين يحيطون به، ولا يفارقون مجلسه. وكررنا مرارا أنه امتعض لتقديم المهلب زيادا عليه، وعلى كعب الأشقري، مع أنه لم يكن أغناهم في الحرب، ولا أفضلهم شعبا، ولا أصدقهم ودا، ولا أفصحهم لسانا3. فتحدى زيادا واصطدم به، فاستعر الهجاء بينهما، فأكثر كل واحد منهما على صاحبه وأفحش، ولم يغلب أحد منهما صاحبه، كانا متكافئين في مهاجاتهما، ينتصف كل واحد منهما من صاحبه"4.

واستمر المغيرة يعيش بخراسان بعد وفاة المهلب، والتف حول ولديه: يزيد والمفضل، ومحضهما محبته وإخلاصه5، ومدحهما، حتى سماه المرزباني "شاعر المهلب الذي أنفذ شعره في مدحه ومدح بنيه، وذكر حروبهم للأزارقة"6.

وحين أقصي المهالبة عن خراسان، واستعمل عليها قتيبة بن مسلم، تحول المغيرة إليه، وصار من مغاويره البارزين، المتحمسين، إذ اشترك في عدد من حملاته على طخارستان وما وراء النهر، ونوه به في قصيدتين يوم أن قضى على نيزك طرخان، سنة إحدى وتسعين7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015