عبد العزيز. فخرجوا إلى خجندة وسألوا ملك فرغانة أن ينزلهم ببلاده، وأن يحميهم. وفي سنة أربع ومائة توجه الحرشي إليهم، وطوقهم بخجنده، ونصب عليهم المجانيق، وقتل أميرهم وجماعة منهم، لأنهم قتلوا الأسرى العرب الذين كانوا بأيديهم1.
وكان الحرشي يستخف بابن هبيرة، ولا يتقيد بتعاليمه، ولا ينفذ أوامره. وكانا- وهما قيسيان- يتنافسان في السلطة والعظمة. فاغتنم ابن هبيرة قتل الحرشي للصغد، ونحاه عن خراسان، وولى عليها مسلم بن سعيد ابن زرعة الكلابي2. فغزا الترك سنة خمس ومائة، فلم يفتح ولم يفلح. ثم غزا مدينة أفشينة من مدائن الصغد، فصالحه ملكها وأهلها3. ثم أخذ يتأهب للهجوم على الترك والصغد، حتى إذا ما جهز حملة إلى فرغانة، وقطع النهر: تمردت عليه ربيعة والأزد ببلخ، فرد إليهم نصر بن سيار، فقضى على فتنتهم، وأمرهم باتباع أميرهم4، فساروا إليه، وحين وصل مسلم فرغانة تطورت الأحداث تطورا سريعا إذ مات يزيد بن عبد الملك، وبويع أخوه هشام، فصرف ابن هبيرة عن العراق، واستعمل عليها خالد بن عبد الله القسري، فولى أخاه أسدا على خراسان، وكتب إلى مسلم أن يتم غزوته. فتقدم حتى تخطى خجنده، واقتحم بلاد الترك، فحاربوه وفتكوا بجنده، فضعفت قوته، وعجز عن الانسحاب عبر نهر الشاش، وأصابت المجاعة جيشه، فمات عدد منهم بالجوع والعطش، ولم يعد إلى خجنده إلا بعد جهد جهيد5.
ولم يوفق أسد القسري بخراسان لا في سياسته الداخلية، ولا في غاراته الخارجية، أي توفيق، بل أخفق أشد الإخفاق، فقد أقام الحسن بن أبي العمرطة الكندي على سمرقند بدلا من هانئ بن هانئ فهاجمه الترك، فردهم على أعقابهم، ورجع إلى أسد، وخلف على عمله ثابت قطنة الأزدي6. وحاول أسد الإغارة على الترك