القبيلتان تتقاتلان، والشاعران يتناقضان، حتى فض المهلب النزاع الحربي بينهما، ودفع ديات القتلى لكل منهما، وأمر الشاعرين بالكف عن الهجاء فكفا واصطلحا، ولكن بعد أن قطع زياد عرض كعب تقطيعا، ولطخ وجوه الأزد بالمعايب تلطيخا1.
ولما توفي المهلب حف كعب بأولاده، وقاتل معهم، ومدحهم، فقد شهد فتح يزيد بن المهلب لقلعة باذغيس سنة أربع وثمانين2، ومدحه، وحضر احتلال المفضل بن المهلب للقلعة مرة ثانية سنة خمس وثمانين، وسجل اكتساحه لها في مقطوعة من شعره3.
وبعد أن عزل الحجاج بن يوسف المهالبة عن إدارة خراسان، وأسند حكمها لقتيبة بن مسلم، لم ينزو كعب عنه، ولم ينكب على نفسه، كثابت قطنة، وإنما قصده، وحارب الترك معه، وكأنما وجد في عهده الحافل بالمعارك ما يرضي نزعة الحرب والفروسية في نفسه، وما يشغله عن التفكير في مشكلات قبيلته، وفي أحوال المهالبة. فخاض بجانبه أكثر الوقائع التي نازل فيها الترك، إذ كان معه سنة ثلاث وتسعين، حين غزا خوارزم، وفتح عاصمتها4، وكان معه في السنة نفسها، يوم أن زحف على سمرقند وافتتحها5. وانفعل ببطولاته وانتصاراته، فخرج عن طبيعته، وخلد اجتياحه لخوارزم في مقطوعة لام فيها يزيد بن المهلب، لأنه كان وجه إليها حملة فلم يتمكن من احتلالها6. وبلغت مقطوعته ابن المهلب فغضب عليه. وما هي إلا أن يغتال قتيبة، ويقبل ابن المهلب واليا على خراسان للمرة الثانية، فإذا كعب يتوجس منه ريبة. وهنا يختلف الرواة في أخباره، فمن قائل: إنه بقي