وتوفي هبيرة بن مشمرج الكلابي بقرية من فارس، وهو في طريقه من مرو الشاهجان إلى دمشق، وقد أوفده قتيبة بن مسلم إلى الوليد بن عبد الملك بعد أن عاد من الصين، فرثاه سوادة بن عبد الله السلولي بقوله1:

لله قبر هبيرة بن مشمرج ... ماذا تضمن من ندى وجمال

وبديهة يعيا بها أبناؤها ... عند احتفال مشاهد الأقوال

كان الربيع إذا السنون تتابعت ... والليث عند تكعكع الأبطال2

فسقت بقرية حيث أمسى قبره ... غر يرحن بمسبل هطال

بكت الجياد الصافنات لموته ... وبكاه كل مثقف عسال3

وبكته شعث لم يجدن مؤسيا ... في العام ذي السنوات والامحال4

فهو يبكي فيه حسنه وفصاحته وإنسانيته وشجاعته، ويستسقي لقبره، ويبين عظم البلية فيه، بحيث تألم لوفاته كل النساء الفقيرات اللاتي كان يشملهن بعطفه وبره في الضائقات، وبحيث شاركت في الحزن عليه الخيول التي كان يركبها، ويغزو بها، والرماح التي كان يستخدمها ويطاعن فيها، فإذا هي تسكب الدموع حسرة لفراقه، وإجلالا لذكراه.

واختطفت يد المنية الجنيد بن عبد الرحمن المري بمرو الشاهجان، فنعاه أبو الجويرية عيسى بن عصمة العبدي بقوله5:

هلك الجود والجنيد جميعا ... فعلى الجود والجنيد السلام

أصبحا ثاويين في أرض مرو ... ما تغنت على الغصون الحمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015