قصيدة حبرها شاعر ... تسعى بها البرد إلى خالد
وفي سنة تسع عشرة ومائة غزا أسد بن عبد الله القسري في ولايته الثانية الختل، فاستغاث أميرها بخاقان، فأقبل في جموع الترك، وخاض النهر إلى الجوزجان، بعد أن قطعه أسد راجعا إلى خراسان، فدارت بين الفريقين معارك متصلة ساعد فيها الحارث بن سريج التميمي خاقان، فكسر أشد شوكتهما في إحداهما، فوليا الأدبار إلى طخارستان العليا، ومنها إلى بلاد الترك. فارتجز ابن السجف المجاشعي هذه الأرجوزة يمدح بها أسدا، وينوه بما أنجز من انتصار رائع. وهو يقول فيها1:
لو سرت في الأرض تقيس الأرضا ... تقيس منها طولها والعرضا
لم تلق خيرا مرة ونقضا ... من الأمير أسد وأمضى
أفضي إلينا الخير حين أفضى ... وجمع الشمل وكان رفضا
ما فاته خاقان إلا ركضا ... قد فض في جموعه ما فضا
يا بن سريج قد لقيت حمضا ... حمضا به يشفى صداع المرضى
وقال أبو الهندي التميمي2، وكان رحل إلى خراسان بأخرة من عمره، يمدح أسدا، مثنيا على سلامة تقديره، وحسن تأتيه للأمور، ومبرزا ما كان لهزيمته خاقان من أثر في صيانة أمن العراق، وحماية بيت الله الحرام، وواصفا إيقاعه بالترك، وكيف لم ينصرف عن قتالهم إلا بعد أن شتت جموعهم، وخلفهم بين عظيم مصروع، وجرح مطروح، يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأسير صاغر ينتظر العقاب،